ركعتا الشفع: فضلها، حكمها، وأدائها
تعد الصلاة من أعظم العبادات في الإسلام، ومن خلال الصلاة يتقرب المسلم إلى ربه، ويطلب منه الرحمة والمغفرة والهداية. وقد أتم الله تعالى لعباده المؤمنين هذا العبادة الرفيعة بأداء الصلاة المفروضة، إلا أنه أضاف لها من النوافل ما يزيد من قرب العبد إليه، ويكسبه الأجر العظيم. ومن بين هذه النوافل التي يشير إليها النبي صلى الله عليه وسلم هي “ركعتا الشفع”، التي تعتبر من أبرز السنن الرواتب التي يُستحب أداءها بعد صلاة العشاء.
ما هي ركعتا الشفع؟
ركعتا الشفع هما ركعتان من النوافل، يصليهما المسلم بعد أداء صلاة العشاء، وذلك بهدف أن يتجنب العبد الوتر بدون شفع، حيث يشير البعض إلى أن الشفع يوازن الوتر. تُؤدى ركعتا الشفع بعد صلاة العشاء ولكن قبل صلاة الوتر، وهي تُعد من السنن المستحبة التي يحرص المسلم على إتمامها اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الوتر ركعتين، وكان يقول: “يا عائشة، إذا صليت الوتر، فصلي ركعتين بعده”. وهذا الحديث يدل على أن هذه الركعتين تعتبر من ضمن السنن التي كان يحرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء.
حكم ركعتا الشفع
تعتبر ركعتا الشفع من السنن المستحبة، وليست من الفرائض. فهي ليست واجبة على المسلم، بل هي من السنن التي يحرص المسلم على إتمامها للحصول على الأجر والثواب. وركعتا الشفع تصلى في حالة استحباب، بمعنى أن من لم يصلهما، فلا إثم عليه، لكن من يصليهما يحصل على أجر عظيم ويزيد من قربه إلى الله سبحانه وتعالى.
وقد ذكر العلماء أن ركعتا الشفع تعتبران من السنن المؤكدة، حيث يشرع للمسلم أن يؤديها بعد صلاة العشاء، ولا يجوز تركها إلا في حالات خاصة. ويُحسن بالمسلم أن يحرص على أدائهما حفاظاً على السنة النبوية، وعلى ملاقاة الله عز وجل بنية طيبة وأجر عظيم.
كيفية أداء ركعتا الشفع
ركعتا الشفع تُؤدى بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الوتر. وتُصلى كأي ركعتين نافلتين، ويُقرأ فيهما ما يسر الله من القرآن، ويستحب أن يُقرأ في الركعة الأولى سورة الفاتحة وسورة “الإخلاص”، وفي الركعة الثانية سورة الفاتحة وسورة “الناس”. ولكن المسلم يمكنه أن يقرأ أي سور من القرآن حسب ما يشاء.
تتضمن كيفية أداء ركعتا الشفع نفس الركعات النافلة التي يصليها المسلم، حيث يشرع في الصلاة بنية نافلة، ثم يقرأ الفاتحة والسورة بعد ذلك في كل ركعة، ثم يسلم في نهاية الصلاة.
الفرق بين ركعتا الشفع وصلاة الوتر
عند الحديث عن ركعتا الشفع، يتبادر إلى الذهن سؤال طبيعي حول علاقتها بصلاة الوتر. في الواقع، تعتبر ركعتا الشفع مقدمة لصلاة الوتر، وكأنها تُؤدي دور “التخفيف” أو “التوازن” قبل الصلاة النهائية. فالوتر من الصلوات المؤكدة، ولها أهمية عظيمة في الإسلام، حيث يختتم المسلم بها صلواته في الليل. لكن ركعتا الشفع تعتبران تطهيرًا أو تكميلًا للصلاة، ولا يتم أداء الوتر إلا بعد إتمامهما.
وبذلك نلاحظ أن ركعتا الشفع ليستا بديلاً عن صلاة الوتر، بل تسبقها بشكل مستقل، وذلك لأن الوتر يختتم الصلاة بينما الشفع يعمل على التوازن بين الركعات.
فضل ركعتا الشفع
إن أداء ركعتا الشفع له فضائل عظيمة، سواء من حيث الأجر أو من حيث تأدية السنة النبوية. فمن أهم فضائل هذه الركعتين:
-
زيادة الأجر والرفعة: من صلى ركعتين بعد العشاء في وقتها، فإنه يحظى بأجر عظيم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان حريصًا على صلاة النفل بعد العشاء، مما يجعلها من السنن التي ترفع درجات العبد في الدنيا والآخرة.
-
التكفير عن الذنوب: كما هو الحال مع جميع النوافل، فإن أداء ركعتا الشفع يساعد على تكفير الذنوب والآثام التي قد تكون حدثت خلال اليوم. فالنوافل عادة ما تكون بمثابة “تطهير” لما قد يكون قد وقع في الصلاة المفروضة من نقص أو تقصير.
-
تحقيق القرب من الله: من خلال أداء ركعتين بعد العشاء، يزداد القرب من الله سبحانه وتعالى، إذ يحرص المسلم على مواصلة العبادة بعد الفرض، ويُعتبر ذلك علامة على محبة الله، وكذلك محاولة لتحقيق التوازن الروحي.
-
الاقتداء بالسنة النبوية: من أهم فضائل ركعتا الشفع هي اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. من خلال أداء هذا العمل، يحرص المسلم على الاقتداء بسيد المرسلين في كيفية إتمام عباداته اليومية.
الأوقات المفضلة لأداء ركعتا الشفع
أفضل وقت لأداء ركعتا الشفع هو بعد صلاة العشاء، ولكن في حال تأخر المسلم عن أداء الصلاة في وقتها المعتاد، يمكنه أداء ركعتا الشفع في أي وقت قبل صلاة الوتر. ومن المهم أن يكون المسلم حريصًا على أداء الركعتين في الوقت المناسب بحيث لا تضيع عليه الفرصة التي منحها الله له.
ركعتا الشفع في المذاهب الفقهية
في المذاهب الفقهية الأربعة، هناك اتفاق عام على مشروعية ركعتا الشفع، لكن قد تختلف بعض التفاصيل حول كيفية أدائهما في بعض المذاهب:
-
المذهب الحنفي: يرى الحنفية أن ركعتا الشفع هما من السنن المستحبة، ويؤديهما المسلم بعد صلاة العشاء.
-
المذهب المالكي: يقر المالكية بمشروعية الركعتين، ويفضلون أداءهما قبل الوتر، ويعتقدون أن ذلك من تمام السنة.
-
المذهب الشافعي: يشير الشافعية إلى أن الركعتين هما من النوافل التي تُؤدى بعد العشاء، وقبل الوتر، وهي من السنن المؤكدة.
-
المذهب الحنبلي: يتفق الحنابلة مع باقي المذاهب في مشروعية ركعتا الشفع، ويشددون على أهميتهما كجزء من السنة النبوية.
هل يمكن للمسلم ترك ركعتا الشفع؟
نعم، يُعتبر ترك ركعتا الشفع أمرًا غير محبذ، ولكنه ليس مُحرمًا. يمكن للمسلم تركهما دون أن يترتب عليه إثم. ومع ذلك، فإن تركهما يعنى تفويت فرصة عظيمة للحصول على الأجر والبركة في الحياة. وقد بينت الأحاديث النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداوم على أداء هذه الركعتين، وهو ما يجب على المسلم الاقتداء به في حياته اليومية.
الخلاصة
ركعتا الشفع هما من السنن النبوية المستحبة بعد صلاة العشاء، تهدف إلى تكملة الصلاة وتعويض الوتر. على الرغم من أنه لا يُشترط في أداء ركعتا الشفع أن تكون فرضًا، فإن المسلم الذي يؤديهما يحظى بثواب عظيم ويزيد قربه من الله. تَعتبر هذه الركعتان جزءًا من العبادة التي تزيد من الأجر وتهذب القلب، كما أنهما فرصة للمسلم لاستكمال توازنه الروحي قبل أداء صلاة الوتر.
